كلام الرئيس ميقاتي والمفتي دريان جاء في احتفال اقامته "جامعة العزم" في طرابلس تكريما للرئيس السابق لمؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان محمد بركات، تحت عنوان: "ستون عاماً من التطور في مأسسة العمل الإنساني والخيري".
حضر الحفل مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا، راعي ابرشية طرابلس للروم الكاثوليك المطران ادوار ضاهر، احمد الصفدي ممثلاً الوزير السابق محمد الصفدي، سعد الدين فاخوري ممثلاً النائب روبير فاضل،وشخصيات سياسية واكاديمية واجتماعية وتربوية وعسكرية وثقافية .
الرئيس ميقاتي
في مستهل كلمته طلب الرئيس ميقاتي من الحضور الوقوف دقيقة صمت حدادا على ارواح شهداء تفجيري برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت. وقال : "اللبنانيون يلتقون على ضرورة إستمرار كافة أشكال الحوار للخروج من الحلقة المفرغة ويتضامنون فور تعرض اية فئة او منطقة لإعتداء آثم. فالاجرام لا يميز بين مواطن وآخر ولا بين طائفة وأخرى بل يضرب اناسا عاديين يمارسون حياتهم اليومية في كل مكان".
وقال"لقد بات جلياً بعد التضامن الجامع الذي اعقب التفجير الأخير واوقع شهداء وجرحى اعزاء من وطننا أن اللبنانيين باتوا أكثر مناعة وأكثر التحاماً، وأتمنى أن ينعكس هذا التضامن الشعبي إنفراجات على المستوى السياسي، وقد لاحت بوادرها في رسائل الود التي تم تبادلها بين الأطراف اللبنانيين. وحسناً فعلوا، إذ لا يجوز أن يكون الحوار في الغرف المغلقة مخالفاً لما يعلن للناس، فما قيمة السياسة بلا الناس، وما قيمة الأوطان بدون أهلها. واذا كنا ندعو للحوار بين كل مكوّنات الوطن، فكم بالحري بين اهل بيتنا وطائفتنا، حيث الحاجة اساسية الى التلاقي والتفاهم والتعاون، وعملا بالحديث الشريف إن يد الله مع الجماعة، نعود لنؤكد مجددا أن يدنا ممدودة دائماً للجميع ولن نحيد عن هذا النهج".
أضاف"لقد بات لزاماً علينا جميعاً ان ننخرط في إبتداع حلول عملية لأزمات الوطن وأولها وأهمها ضرورة إنتخاب رئيس للجمهورية، والتوافق على قانون جديد للانتخابات النيابية يتيح للبنانيين أن يجددوا إنتاج طبقة سياسية على حجم طموحاتهم، ولو بحدها الأدنى. ومن نافل القول ان عمل الحكومة لا يجب أن يتوقف تحت أي ظرف كان حفاظاً على أمن البلد وإقتصاده المنهك. هذا الأمن ترعاه أجهزة أمنية فاعلة، اثبتت مجددا قدرتها على حماية أمن الوطن والوصول الى من يستهدف المواطنين بسرعة فائقة، وهي تتقدم بحِرفية عناصرها على دول وأجهزة أمنية اكثر عراقة وقوة وامكانات. فلهؤلاء جميعاً، تحية تقدير ، من مديرية المخابرات الى الأمن العام. وأخص بالشكر شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي التي تقوم بانجازات نوعية لحماية الوطن وآخرها.
وقال " إن وجودكم بيننا ،يا سماحة المفتي دريان ، يضفي على مناسبة التكريم هذه ، الكثير من المعاني ، فمرجعيتكم الحالية ، وموقعكم الكريم ، موضع رهان وتقدير منا جميعا . رهانٌ لموقِفِكُم الجامعِ وتقديرٌ لدعوتكم للوحدةِ والتعاون ،وهو الموقف الضروري اليوم ، أكثر من أي وقت مضى ، من أجل تخليص البلاد والعباد من آفة الفرقة والتنابذ ، ونؤكد معكم ، أن دور الافتاء في لبنان ليس محصورا في الرعاية التي يقدمها لمسلمي لبنان فحسب، بل في التحرك لما يحقق مصلحة الاسلام والمسلمين في كل مكان، لأن مسلمي لبنان يتأثرون باخوانهم المسلمين من حولهم. لذا فاننا نعّول على جهودكم لتعزيز قيم الاسلام الحقيقية في نفوس المسلمين في لبنان ، وتوجيههم الى ما يعزز الأخوة والتعاون بينهم وبين سائر إخوانهم في الوطن من أبناء الطوائف الأخرى ، وتعزيز صلة المسلمين في لبنان باخوانهم في الخارج من جانب اخر، عبر توطيد علاقتهم بالمرجعيات الدينية التي تعبر عن الاسلام الحقيقي وقيمه الجليلة والسامية وشريعته السمحاء وفي مقدمتها الأزهر الشريف. إننا دعو لكم كما دائما بالتوفيق من الله عز وجل وان يسدد خطاكم .
أقول هذا ، والمكرّم بيننا اليوم ، يمثل قيمة بذاته في الانفتاح والتعاون ، وهو الذي لم يقطع صلة ، أو يمارس قطيعة مع أيٍ مكوّن من المكونات الوطنية او الاسلامية رغم كل الخلافات التي عصفت او تعصف بينهم ، فكان نموذجا للرجل الطيب والجامع والواصل بالحق بين الناس.
وتحدث عن المكّرم محمد بركات فقال" رجل خير وعطاء وعميد الخير العربي، بعد خمسين سنة من العطاء واكب فيها، بعزم لا يلين ودراية وحكمة وواقعية، الحداثة في مجال الرعاية الاجتماعية، وادخلها في مجال عمله لدى دار الايتام الاسلامية، فبات مثالا لحرصه على طائفته ومرجعا يحتذى به بحسه الوطني. تمكّن، منذ السنوات الاولى لعمله، من إطلاق عشرات الخدمات المستحدثة والمتخصصة ومن تأسيس وتجهيز العديد من المنشآت الاجتماعية رغم الصعوبات الكبرى التي واجهها لا سيما في فترة الحرب الأليمة. وكانت ارادته القوية ورغبته في التوسع بالعمل الاجتماعي سبباً لنجاحه في بناء وتطوير مؤسسة من أهم مؤسسات الخير في لبنان، يرعى فيها الجميع دون تمييز".